بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
الإخوة و الأخوات... حديثُ تقشعر منه جُلود كل طالبِ علمٍ فكيف بمن دونه؟!
كل مُنفق ومُتصدقٍ فما بالكم بالبخلاء الأشحاء؟! وكل بطل شجاع فكيف بكل رعديد جبان؟!
إخواني وأخواتي ...تأملوا هذا الحديث ثم نُعلّق عليه بما تيسر بإذن الله تعالى
الحديث صححه الإمام الألباني رحمه الله وهو من رواية الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه
(إن الله تبارك وتعالى إذا كان يوم القيامة ، ينزل إلى العباد ، ليقضي بينهم ، وكل أمة جاثية ، فأول من يدعى به رجل جمع القرآن ، ورجل قتل في سبيل الله ، ورجل كثير المال ، فيقول الله عز وجل للقاريء : ألم أعلمك ما أنزلت على رسولي ؟ قال : بلى يا رب ، قال : فما عملت فيما علمت ؟ قال : كنت أقوم به آناء الليل وآناء النهار ، فيقول الله عز وجل له : كذبت ، وتقول له الملائكة : كذبت ، ويقول الله تبارك وتعالى : بل أردت أن يقال : فلان قاريء ، وقد قيل ذلك . ويؤتى بصاحب المال ، فيقول الله عز وجل : ألم أوسع عليك حتى لم أدعك تحتاج إلى أحد ؟ قال : بلى يا رب ؛ قال : فماذا عملت فيما آتيتك ؟ قال : كنت أصل الرحم ، أتصدق . فيقول الله له : كذبت ، وتقول الملائكة : كذبت ، ويقول الله تبارك وتعالى : بل أردت أن يقال : فلان جواد ، وقد قيل ذلك . ويؤتى بالذي قتل في سبيل الله ، فيقول الله له : فبماذا قتلت ؟ فيقول : أي رب ! أمرت بالجهاد في سبيلك ، فقاتلت حتى قتلت ، فيقول الله له : كذبت ، وتقول الملائكة : كذبت ، ويقول الله : بل أردت أن يقال : فلان جريء ، فقد قيل ذلك . ثم ضرب رسول الله على ركبتي فقال : يا أبا هريرة أولئك الثلاثة أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة) .
وقفات مع هذا الحديث الشريف:
1- الحديث رواه الإمام مُسلم في صحيحه والترمذي في سننه
وفي الترغيب والترهيب وبروايات مُتقاربة وصحح هذه الرواية التي نقلتها الشيخ الألباني رحمه الله.
2- الحديث يمثل أمرًا خطيرًا ينبغي الانتباه إليه وهو عدم الإخلاص في العمل.
3- العمل بدون إخلاص (رياء وسمعة) يحصل العامل على أجر عمله من الناس الذين عمل لهم!
4- يُحرم المؤمن خيرًا كثيرًا إذا ما عمل للناس أو أشرك مع الله عز وجل غيره في أي عمل.
5- الأعمال مهما كانت صالحة ليست دليلًا قاطعًا على صلاح المرء بل يستأنس بها ولا يعلم الغيب إلا الله عزّ وجل.
6- طلب العلم وحفظ القرآن والجهاد من أشرف الأعمال إلا أنه لا تُقبل إذا لم تكن خالصة لله عزّ وجل فما بالك بغيرها من أعمال؟!
7- شرطا قبول أي عمل:
أ- الإخلاص: بان يكون العامل لا يقصد بعمله إلا الله عزّ وجل قبل وأثناء وبعد العمل وإن رأى شيئًا بعد العمل فليدافع ويُحسن نيته ويراجعها دائما وألا يغتر بثناء الناس ولا يركن إلى ذلك بل يسأل الله عزّ وجل الإخلاص دائمًا ولا يلتفت إلى مادحٍ أو ذامّ وقد يجعل الله للمؤمن عاجل البشرى بثناء الناس عليه ولكنه كما قلنا لا يلتفت ولا يركن إلى ذلك.
ب- المُتابعة: بأن يكون العمل موافقًا لهدي النبي صلى الله عليه ومتبعًا لشرعه غير مخالف له قيد أنملة.
قال الله تعالى:
(قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) الكهف 110
فالعمل الصالح الموافق لهدي النبي الذي لا يرجو به عامله أحدًا غير الله.
اللهم ارزقنا الإخلاص في القول والعمل
اللهم اجعلنا أفقر خلقكَ إليكَ وأغنى خلقكَ بكَ
