يتحدث الناس هذه الأيام عن شيئين، أولهما خسائر فى البورصة، وصلت إلى ٤ مليارات جنيه، وثانيهما ارتفاع للدولار أمام الجنيه، حتى ولو كان ارتفاعاً طفيفاً.
ولابد أن أى مواطن مهموم باقتصاد بلده، سوف يتساءل، أمام مؤشرين من هذا النوع، عن طبيعة الأرض التى يقف عليها اقتصادنا الآن؟! هل هو - مثلاً - اقتصاد طالع، أم أنه اقتصاد نازل؟!.. هل نحن، اقتصادياً، نتقدم، أم نتأخر؟!
وإذا كانت الإجابة عن أسئلة كهذه، سوف تبدو، أمام المواطن المهموم، غامضة بعض الشىء، أو حتى كل الشىء، فإن هناك سببين أساسيين لهذا الغموض:
أولهما: أن اقتصادنا، فى التحليل الأخير، ليس «اقتصاد سوق» بمعناه الحقيقى.. وقد يكون اقتصاد «سوء»، بمعنى أن كل اقتصادات السوق فى العالم، تعلن أسعاراً حقيقية لمختلف السلع، على الملأ، دون إخفاء لشىء، من أول المعادن، مروراً بالحبوب، وانتهاءً بالعملات، وهو مبدأ حين يكون معمولاً به، بوضوح، ودون تلفيق، فإن الاقتصاد الذى يمارسه، يظل اقتصاد سوق حقيقياً، ويعرف المواطنون الذين يعيشون فى ظله، رؤوسهم من أرجلهم.. أما نحن، فلانزال نمارس أشياء، فى هذا المجال، أقلعت عنها دول شرق أوروبا والاتحاد السوفيتى السابق نفسه، عندما كانت تلك الدول، فى مراحلها الاشتراكية، تتكلم مع مواطنيها عن اقتصاد وهمى، لا علاقة لما هو معلن منه، بما هو حقيقى فيه!
والسبب الثانى: أن رئيس الوزراء، لا يتحدث مع المصريين عن هذا الموضوع، بما يجب أن يتحدث به فيه، ولا يريد أن يقول لنا، كم عاماً سوف يعيش هذا الوضع معنا، ثم كم عاماً يمكن لنا نحن، أن نعيش أو حتى نتعايش معه؟!
رئيس وزرائنا يجب أن يصارحنا بحقيقة وضع اقتصادنا، وأن يعلن رأيه بشجاعة، وأمانة، حتى ولو كان رأيه سوف لا يتوافق مع رأى رئيس الدولة نفسه، وحين يذهب رئيس الوزراء لافتتاح كوبرى، أو حضور حفل توقيع اتفاقية بين بلدنا، وبلد آخر، فالناس تتوقع منه، دوماً، أن يكلمها عن حقيقة حال اقتصادنا، وأين بالضبط نقف الآن، خصوصاً إذا كان هذا هو وضع البورصة، وهذا هو وضع الدولار أمام الجنيه!
إننا على أبواب انتخابات برلمانية، ورئاسية، وإذا كان الحال هكذا، فالمتوقع أن تشهد البلاد، خلال عامى ٢٠١٠/٢٠١١، موجة قرارات اشتراكية، ربما تفوق قرارات الحراسات والتأمينات عام ١٩٦١، وليس أدل على ذلك، من خطوة قصر الانتفاع بالأرض على حق الانتفاع، دون التمليك، مع أننا نعيش على ٦٪ من أرضنا، والباقى خلاء كامل!!
وأنت سوف تشعر بأن الهدف من وراء خطوة كهذه، ثم خطوة أخرى كإنشاء أول مفاعل نووى مصرى، على أرض الضبعة، وسط عقارات الساحل الشمالى، إنما هو محاولة انتخابية من الحكومة، لإيهام البسطاء بأنها تعمل من أجلهم وتنحاز إليهم، فى حين أن البسطاء أنفسهم يمكن جداً أن يكونوا هم أول ضحايا مثل هذا التفكير!
لا تتاجروا بمشاعر الفقراء فى موسم الانتخابات.. وصارحوهم أفضل!