ستنكر د. عصام شرف -رئيس الوزراء المصري- المطالب الفئوية المتكررة، وأحداث الفتنة الطائفية الأخيرة، مؤكّدا أن المصريين جميعاً أصبحوا يؤمنون الآن بما يُسمّى بـ"الثورة المضادة"؛ حيث لم يعد الأمر يقتصر على المظاهرات، أو الاعتصامات المحدودة التي خرجت لتنادي بمطالب فئوية مشروعة كنا نتفهمها، وتخطّى ذلك إلى الاعتداء على مؤسسات الدولة، وأن مَن كانوا في منشأة ناصر ليسوا -كلهم- من الأقباط أو من المسلمين، حيث كان من بينهم مثيرو شغب وبلطجية.
وقال د. عصام شرف في لقاء أجراه اليوم (الأربعاء) مع الإعلامية منى الشاذلي في برنامج "العاشرة مساءً": "كلنا الآن نؤمن بالثورة العكسية، وأتمنّى أن نكون على خطأ، ولكنا هذا ما نراه، ونعتقد أنه يحتاج إلى تضافر الجهود ومَن يحمي الثورة المصرية".
ولدى سؤاله عن اجتماع مجلس الوزراء الذي تمّت مقاطعته للقاء قيادات المجلس العسكري، وما دار خلال هذا اللقاء؛ أجاب قائلا: "تمّت مناقشة بعض الأمور الملتهبة؛ وعلى رأسها قضية الأمن، وعودة الشرطة".
وبخصوص البيان الأخير للمجلس الذي تمّ اختيار مفرداته وألفاظه بعناية، بما يمكن وصفه بأنه البيان الأشدّ لهجة من مجلس الوزراء منذ أحداث 25 يناير؛ بما تضمّنه من إصدار مرسوم بقانون بمكافحة أعمال البلطجة والترويع، والتنويه على ما يقرره القانون مِن حق الدفاع الشرعي عن النفس في حال التعرّض للاعتداء داخل منشآت؛ علق قائلا: "إن المؤسسات هي عِرض الوطن، ويجب علينا حمايتها؛ لمقاومة الاستباح". مشيرا إلى أنه أصبح الآن مسئولاً عن عِرض هذا الوطن، وعن 85 مليون مصري.
وأضاف: "عندما يمتد المطلب الفئوي إلى التخريب والتكسير، وما هو خارج عن نطاق القانون سُيقابل بكل شدّة وبكل حزم".
وفي سؤال آخر عن واقع تعامل القوات المسلحة على الأرض مع المواطنين، وإنها كانت تفضل عدم استخدام القوة؛ بالرغم من وجود بعض الخارجين والبلطجية، أشار إلى أن دور القوات المسلحة بدأ منذ الدفاع عن الثورة وحمايتها، ويمتد حتى الآن وبعد مجيء لمجلس الوزراء الجديد.
وأوضح أن أكثر ما يؤرّق المصريين شعبا وقيادة، هو غياب الأمن، وأن المصريين يعيشون في عدم أمان ويعانون الترويع، ولا بد من عودة الأمن من خلال الحزم.
وأعرب شرف عن أمله في أن تكون مصر دولة قانون، محذراً مَن يتعدّى على مؤسسات الدولة بأنه سيتم التعامل معه بكل حسم من خلال القانون.
ثم علّق على المشهد المؤسف للانفلات الذي وقع في ميدان التحرير، والذي تضمّن احتكاكات بين مؤيدي بقاء المعتصمين من أصحاب المطالب الفئوية المشروعة ومن يطالبون برحيلهم؛ حيث إن كلا منهم له قناعاته، بعد أن انتشر مفهوم أنا مع أو ضد الثورة، وأكّد أن التصدّي لمثل هذه الأمور كان يقتضي التدخّل بحسم؛ لذا لزم التدخل من القيادة وهو ما تم بالفعل.
وعندما سُئِل عما إذا كان سيؤدّي فرض النظام والحسم إلى خلق شيء من الضغط على الحكومة بسبب استخدام القوة، وخروج مظاهرات تنادي بسقوط عصام شرف، أجاب: "لو أخطأت أمشي".
أمن هذا الوطن ليس خطاً أحمر.. وإنما حائط أحمر
وأوضح أن مبدأ الحوار موجود، وليس المقصود بالتعامل بالحسم مع كل الناس، وإنما في حالات التطاول والإخلال بكيان الدولة..
وعن تساؤل خاص بقرار الإسراع بعودة الشرطة رغم غياب الآلاف من أفراد الأمن، وتقدّم عدد من الضباط باستقالاتهم، وقيام البعض الآخر بعمل روتيني، أوضح شرف أن وزارة الداخلية تؤكّد أن نسبة غياب أفراد الأمن المركزي لا تتخطّى 5% فقط؛ مطالباً الإعلام ببدء حملات مصالحة لمؤسسة الشرطة.
ولفت النظر إلى أنه لا إصلاح في غياب الأمن والشرطة؛ وذلك لأن دورهم عظيم، وأننا شعرنا جميعا بأهميته حال غيابهم، فلا بد من عودتهم بالتدريج؛ قائلا: "أنا بأقف في الشارع، وأُسلّم على الضباط، وأقولهم وحشتونا ومنوّرين رغم ملابسهم السوداء.. إحنا لازم نطبطب عليهم".
ونفى شرف أن يكون ما حدث في جهاز أمن الدولة ضربة موجّهة لوزارته الجديدة، أو طعنة شخصية له ولحكومته، وأنه لا يريد الربط بين رحيل الوزارة السابقة، وما حدث من حرق وإتلاف للمستندات، وترك مقار الجهاز مفتوحة أمام حشود الجماهير التي دفعها الغضب والخوف على تدمير الأدلة لاقتحامه، مؤكّدا في الوقت نفسه على رفضه لإهانة كيانات الدولة واقتحام مؤسساتها، وعدم السماح بانتهاك القوانين، وأن ما حدث كان سيحدث مع أي دولة لها توجه قانون.
وتابع: "لا أُوجّه اتهاما، وأتمنّى أن أكون جزءاً من دولة القانون، والتحقيقات ستثبت حقيقة ما حصل، ولكنني أخشى فقدان ثقة الشعب، ولو حصل ضروري أمشي زي ما جابوني".
ونفى ما تردد عن زيادة ساعات حظر التجول؛ ممازحاً منى الشاذلي: "أكيد قالوا لك كده يا منى عشان يستعجلوك وما تطوليش الحديث".
واختتم رئيس الوزراء حديثه بتوجيه ثلاث رسائل لملايين المصريين في الداخل والخارج؛ كانت الرسالة الأولى لجميع المصريين اللي بيحبوا مصر، وقال فيها: "جه الوقت لو عايزين تساعدوا مصر بجد.. ممكن تساعدونا مع افتتاح البورصة لتقليل الخسائر بشراء الأسهم.. وكمان في صندوق "بناء مصر" بالتنسيق مع وزارة المالية".
والرسالة الثانية فكانت لمن هم في داخل مصر أصحاب النقاء والبهاء والصفاء.. أصحاب الثورة وقال لهم: "جاء وقت حماية الثورة".
أما الرسالة الثالثة مفادها: "جاءتني مكالمة من السعودية من شخص لا أعرفه اتصل بي، وقال: "إحنا بنعمل عمرة وبندعي لمصر. أيضاً أخبرني ابني أن صديقه القبطي وخطيبته قالوا له: إحنا كل يوم بنصلي وبنولع لكم شمع".. وهنا لم يتمالك شرف نفسه، ترقرقت عيناه بالدموع تأثراً، واختتم اللقاء.
